حوكمة الشركات

الحوكمة.. مفهومها وأهدافها​

يتردد مفهوم الحوكمة في القطاع العام مؤخرًا لأثرها الكبير في تحسين واستدامة أعمال أي منشأة، ويعود تعريف الحوكمة بحسب مفهوم مجمع اللغة العربية بأن (الحوكمة) هي مرادف لمصطلح (الإدارة الرشيدة) ويعود أصلها إلى كلمة إغريقية قديمة (Governance) والتي تعبّر عن قدرة ربّان السفينة في قيادتها إلى برّ الأمان نتيجة ما يملكه من حسّ ومهارة في المحافظة على أرواح وممتلكات الركّاب.

وتعرَّف الحوكمة بأنها مجموعة من الأنظمة والضوابط التي تنظم العلاقات بين أصحاب المصلحة وتحقق مجموعة من المبادئ كالعدل والشفافية والمساواة.

وتبدأ الحوكمة في ممارساتها من خلال بناء نظام حوكمة متكامل وبتحديد السلوكيات التي تخدم مصالحها، وحثّ القادة على اتخاذ القرارات الأخلاقية.

وتعتمد ممارسات الحوكمة على الضوابط الرسمية مثل التشريعات والأنظمة والقوانين، مما يجعل الحكومات والمنظمات توظّف هذا الدور من أجل إنتاج نمطٍ فعّال يحقق نتائج جيدة ويستبعد الأنماط غير الجيدة.

تحقيق كفاءة الأداء والقدرة على اتخاذ القرارات بالتزام عالٍ وقدرٍ كافٍ من المسؤولية والشفافية هو الأثر الجليّ لما يترتب على تطبيق نظام الحوكمة، والذي ينعكس أثره بوضوح من خلال إدارة متّسقة وسياساتٍ واضحةٍ متماسكة وبالتالي يساهم تطبيق الحوكمة الفعّال في زيادة تنمية اقتصاديات الدول ومنظماتها.​​

مفهوم آليات حوكمة الشركات: 

هي الطرق والأساليب التي تستخدم للتعامل مع مشاكل الوكالة التي تنشأ بين الإدارة وحملة الأسهم عموماً، وبين الأقلية من حملة الأسهم وبين الأغلبية المسيطرة من حملة الأسهم.

أوهي مجموعة الطرق والأساليب التي تطبق على مستوى الشركة، لحل مشاكل حوكمة الشركات. ويتوقف استخدام هذه الطرق والأساليب على نظام الحوكمة المطبق في البلد محل الدراسة. 

هناك العديد من الأهداف الاليات الحوكمة منها: التأكد من عدم انتهاك حقوق الأقلية من حملة السهم، ومراقبة أداء المدراء واستبدالهم في حالة عدم أدائهم بشكل جيد، كما تؤثر آليات حوكمة الشركات على مستوى إفصاح الإدارة عن المعلومات لحملة الأسهم، فهذه الآليات تكفل عدم الإفصاح عن أي بيانات أو معلومات غير صحيحة. وأخيراً تكفل آليات حوكمة الشركات حصول المستثمرين على عوائد مناسبة لاستثماراتهم. 

أشار التراث الأدبي لحوكمة الشركات الى وجود العديد من الآليات التي يمكن أن تستخدم لتطبيق مفهوم حوكمة الشركات بالشكل الذي يلائم ظروف الشركات وبيئة العمل الخاصة بها، وكذلك نظام حوكمة الشركات المطبق داخل البلد. ويمكن القول بأن هناك شبه إجماع بين الكتاب والباحثين في مجال حوكمة الشركات على تصنيف آليات حوكمة الشركات الى فئتين:

* اليات داخلية لحوكمة الشركات.

* اليات خارجية لحوكمة الشركات.

ومع ذلك توجد اختلافات بينهم فيما يتعلق بمحتوى كل فئة ومدى كفاءة هذه الآليات.

وهناك أربع آليات لحوكمة الشركات وهي:

  • أسواق رأس المال.
  • النظم القانونية والسياسية.
  • المنتج وعامل السوق.
  • نظم الرقابة الداخلية والتي تخضع لإشراف مجلس الإدارة.

كما اشار الباحثون إلى عقود الحوافز، والحماية القانونية للمستثمرين من التصرفات الشخصية للإدارة، وأخيراً الملكية بواسطة كبار المستثمرين كآليات لحوكمة الشركات.

كما أشارت دراسات أخرى الى تصنيف آليات حوكمة الشركات الى أربع آليات وهي:

  • الآليات القانونية والتشريعية.
  • آليات الرقابة الداخلية مثل مجلس الإدارة، وملكية المدراء التنفيذيين لجزء من أسهم الشركة، ونظم التعويض المادي للتنفيذيين، والاعتماد على الديون، وكذلك الملكية بواسطة كبار المستثمرين.
  • آليات الرقابة الخارجية.
  • المنافسة السوقية لمنتجات الشركة.

دور آليات الحوكمة في الحد من الفساد المالي والاداري:

بعد الفساد المالي والاداري من اخطر المشكلات التي تعاني منها مؤسسات الدولة بصفة عامة، والشركات المملوكة للدولة بصفة خاصة. ويتمثل الفساد المالي والاداري بالمكاسب والامتيازات الي يتم الحصول عليها بشكل غير مشروع، والتي سبق وان اشار اليها الباحث انفا، ويترتب عليها تحمل الشركات تكاليف اضافية تنعكس على اسعار السلع التي تنتجها او الخدمات التي تقدمها، مما يضعف قدرتها على التنافس والبقاء،

وبالتالي تأكل رأس المال، وبدلا من ان تكون هذه الشركات أحد محركات الاقتصاد وعامل من عوامل النمو، تصبح عبئا على الاقتصاد الوطني يتحمله المجتمع بأسره، تؤدي حوكمة الشركات دورا مهما في معالجة المشكلات التي تعاني منها هذه الشركات، والتي من ابرزها مشكلة الفساد المالي والاداري، وذلك من خلال مجموعة من الآليات صنفها كل من Hess و Impavido الى آليات حوكمة داخلية وخارجية

الآليات والضوابط

تهدف آليات حكومة الشركات والضوابط إلى التقليل من أوجه القصور التي تنشأ عن المخاطر الأخلاقية وسوء الاختيار. على سبيل المثال، لرصد سلوك المديرين، يقوم طرف ثالث مستقل (المدقق الخارجي) بمراقبة دقة المعلومات التي تقدمها الإدارة للمستثمرين. وينبغي أن ينظم نظام المراقبة المثالي كل من الدوافع والقدرات.

الآليات الداخلية لحوكمة الشركات

الضوابط الداخلية لحوكمة الشركات ومن ثم رصد أنشطة اتخاذ إجراءات تصحيحية لتحقيق الأهداف التنظيمية. ومن الأمثلة على ذلك:

أ- رصد من جانب مجلس الإدارة:

مجلس الإدارة، بما لها من سلطة قانونية للتوظيف انهاء الخدمات/الفصل ومكافأة الإدارة العليا، والضمانات لرأس المال المستثمر. اجتماعات المجلس العادية تسمح المشاكل المحتملة في تحديد هويتهم، ونوقشت تجنبها. بينما المديرين غير التنفيذيين ويعتقد أن أكثر استقلالا، فإنها قد لا تؤدي دائما في الحكم أكثر فعالية الشركات وربما لا تزيد الأداء، مجلس هياكل مختلفة هي الأمثل بالنسبة للشركات المختلفة. وعلاوة على ذلك، فإن قدرة المجلس على رصد المديرين التنفيذيين للشركة هو وظيفة من قدرتها على الوصول إلى المعلومات. المديرون التنفيذيون امتلاك المعرفة المتفوقة في عملية صنع القرار، وبالتالي تقييم الإدارة العليا على أساس جودة القرارات التي تؤدي إلى نتائج الأداء   المالي، قبلوقوعها. ويمكن القول، إذن، أن ننظر إلى أبعد من المديرين التنفيذيين للمعايير المالية.

ب- إجراءات الرقابة الداخلية ومراجعي الحسابات الداخلية:

 إجراءات المراقبة الداخلية والسياسات التي تنفذها كيان مجلس إدارة، لجنة مراجعة الحسابات، والإدارة، وغيرهم من الموظفين لتقديم ضمانات معقولة للكيان تحقيق أهدافها المتعلقة بالتقارير المالية الموثوقة والكفاءة التشغيلية، والامتثال القوانين واللوائح. مراجعي الحسابات الداخلية والموظفين داخل المنظمة الذين اختبار تصميم وتنفيذ الكيان إجراءات الرقابة الداخلية ومدى إمكانية التعويل على التقارير المالية.

ج- ميزان القوى:

 إن أبسط توازن القوى هو شائع جدا؛ أن تشترط على الرئيس أن يكون شخص آخر من وزير الخزانة. هذا التطبيق من الفصل بين السلطة هو مزيد من التطوير في الشركات التي تعاني من انقسامات منفصلة تحقق التوازن وإجراءات بعضها بعضا. مجموعة واحدة أن تقترح الشركة على صعيد التغييرات الإدارية، واستعراض آخر المجموعة، ويمكن أن تستخدم حق النقض ضد التغيرات، وثالث المجموعة التي تحقق مصالح الناس (العملاء والمساهمين والموظفين) خارج المجموعات الثلاث لم تتحقق.

د- الأجر:

الأجر على أساس الأداء تم تصميمه للربط بين بعض نسبة من الراتب إلى الأداء الفردي. قد يكون في شكل نقدي أو المدفوعات غير النقدية مثل حصة ليالي، التقاعد أو غيرها من الاستحقاقات. مخططات حوافز من هذا القبيل، ومع ذلك، فإن رد الفعل بمعنى أنها لا توفر أية آلية لمنع الأخطاء أو السلوك الانتهازي، ويمكن الحصول على سلوك يتسم بقصر النظر.


الآليات الخارجية لحوكمة الشركات:


تتمثل آليات حوكمة الشركات الخارجية بالرقابات التي يمارسها أصحاب المصالح الخارجيين على الشركة، والضغوط التي تمارسها المنظمات الدولية المهتمة بهذا الموضوع، حيث يشكل هذا المصدر أحد المصادر الكبرى المولدة لضغط هائل من اجل تطبيق قواعد الحوكمة. ومن الأمثلة على هذه الآليات:


أ – منافسة سوق المنتجات (الخدمات) وسوق العمل الإداري:
تعد منافسة سوق المنتجات (أو الخدمات) أحد الآليات المهمة لحوكمة الشركات. ويؤكد على هذه الأهمية كل من (Hess and Impavido)، وذلك بقولهم إذا لم تقم الإدارة بواجباتها بالشكل الصحيح أو إنها غير مؤهلة، إنها سوف تفشل في منافسة الشركات التي تعمل في نفس حقل الصناعة، وبالتالي تتعرض للإفلاس. إذن إن منافسة سوق المنتجات (أو الخدمات) تهذب سلوك الإدارة، وبخاصة إذا كانت هناك سوق فعالة للعمل الإداري Labor Market للإدارة العليا، وهذا يعني إن إدارة الشركة إلى حالة الإفلاس سوف يكون له تأثير سيئ على مستقبل المدير وأعضاء مجلس الإدارة، إذ غالبا ما تحدد اختبارات الملائمة للتعيين انه لا يتم إشغال مواقع المسؤولية من أعضاء مجلس إدارة أو مديرين تنفيذيين سبق أن قادوا شركاتهم إلى الإفلاس أو التصفية


ب – الاندماجات والاكتسابات:
مما لا شك فيه إن الاندماجات والاكتسابات من الأدوات التقليدية لإعادة الهيكلة في قطاع الشركات في أنحاء العالم. ويشير كل من (John and Kedia ) إلى وجود العديد من الأدبيات والأدلة التي تدعم وجهة النظر التي ترى إن الاكتساب آلية مهمة من آليات الحوكمة ( في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال ) ، وبدونه لا يمكن السيطرة على سلوك الإدارة بشكل فعال ، حيث غالبا ما يتم الاستغناء عن خدمات الإدارات ذات الأداء المنخفض عندما تحصل عملية الاكتساب أو الاندماج
أما في الشركات المملوكة للدولة فتشير OECD إلى إن الحكومة الصينية على سبيل المثال قد استفادت من هذه الآلية ، وذلك بعد إعطاء هذه الشركات قدرا من الاستقلالية في اتخاذ القرارات ومنها قرارات الاكتساب والاندماج ، ولكن تبقى الدولة بحاجة إلى أن تتأكد من عدم الإضرار بحقوقها كمالك للأسهم جراء مثل هذه القرارات المهمة التي تتخذها الإدارات
ويرى الباحث إن آلية الاكتساب ليس لها تأثيرا على الشركات المملوكة للدولة ، وذلك لأنها يمكن أن تحصل في الشركات المساهمة الخاصة ، وهي ليست موضوع الدراسة . أما الاندماج فقد نص عليه قانون الشركات العامة، إلا انه على حد علم الباحث لم يتم تفعيل هذه الآلية.

ج – التدقيق الخارجي:
يؤدي المدقق الخارجي دورا مهما في المساعدة على تحسين نوعية الكشوفات المالية، ولتحقيق ذلك ينبغي عليه مناقشة لجنة التدقيق في نوعية تلك الكشوفات، وليس مقبوليتها فقط. ومع تزايد التركيز على دور مجالس الإدارة ، وعلى وجه الخصوص لجنة التدقيق في اختيار المدقق الخارجي والاستمرار في تكليفه ، يرى Abbot and Parker إن لجان التدقيق المستقلة والنشيطة سوف تطلب تدقيقا ذا نوعية عالية ، وبالتالي اختيار المدققين الأكفاء والمتخصصين في حقل الصناعة الذي تعمل فيه الشركة.
يمثل التدقيق الخارجي حجر الزاوية لحوكمة جيدة للشركات المملوكة للدولة ، إذ يساعد المدققون الخارجيون هذه الشركات على تحقيق المساءلة والنزاهة وتحسين العمليات فيها ، ويغرسون الثقة بين أصحاب المصالح والمواطنين بشكل عام .

د – التشريع والقوانين:
غالبا ما تشكل وتؤثر هذه الآليات على التفاعلات التي تجري بين الفاعلين الذين يشتركون بشكل مباشر في عملية الحوكمة. لقد أثرت بعض التشريعات على الفاعلين الأساسيين في عملية الحوكمة، ليس فيما يتصل بدورهم ووظيفتهم في هذه العملية، بل على كيفية تفاعلهم مع بعضهم. فعلى سبيل المثال قد فرض قانون Sarbanes-Oxly Act متطلبات جديدة على الشركات المساهمة العامة ، تتمثل بزيادة عدد أعضاء مجلس الإدارة المستقلين ، وتقوية إشراف لجنة التدقيق على عملية إعداد التقارير المالية ، والطلب من المدير التنفيذي ( CEO ) ومدير الشؤون المالية ( CFO ) الشهادة على صحة التقارير المالية وعلى نظام الرقابة الداخلية ، ووضع خطوط اتصال فعالة بين المدقق الخارجي ولجنة التدقيق وتحديد قدرة المسؤولين في الشركة على المصادقة على المعاملات التي تخصهم في الشركة ، والتي قد تكون مضرة بمصالح المالكين وأصحاب المصالح الآخرين في الشركة . كما أناط مسؤولية تعيين وإعفاء المدقق الخارجي والمصادقة على الخدمات غير التدقيقية التي يمكن أن تقدمها شركات التدقيق لزبائنها بلجنة التدقيق.


هـ – آليات حوكمة خارجية أخرى:
هناك آليات حوكمة خارجية أخرى فضلا عما تقدم ذكره، تؤثر على فاعلية الحوكمة بطرق هامة ومكملة للآليات الأخرى في حماية مصالح أصحاب المصالح في الشركة. ويذكر Cohen et al. إنها تتضمن (ولكن لا تقتصر على) المنظمين، المحللين الماليين وبعض المنظمات الدولية.

 فعلى سبيل المثال تمارس منظمة الشفافية العالمية ضغوطا هائلة على الحكومات والدول، من اجل محاربة الفساد المالي والإداري، وتضغط منظمة التجارة العالمية (WOT) من اجل تحسين النظم المالية والمحاسبية، وفي قطاع البنوك، تمارس لجنة بازل ضغطا من اجل ممارسة الحوكمة فيها.
ويرى الباحث انه بسبب تنوع آليات الحوكمة وتعدد مصادرها، فان تنفيذها يتطلب وضع إطار شامل لها، يأخذ بنظر الاعتبار جميع أصحاب المصالح في الشركات سواء أكانت خاصة أم مملوكة للدولة. إذ أن كل طرف من هذه الأطراف يؤدي دورا مهما في عملية الحوكمة، وإنها تتفاعل فبما بينها ضمن إطار

ضوابط حوكمة الشركات الخارجية:

ضوابط الحوكمة الخارجية تشمل أصحاب المصلحة الخارجيين ممارسة الرقابة على التنظيم. ومن الأمثلة على ذلك :

  • المنافسة
  • العهود -الديون
  • الطلب على المعلومات وتقييم الأداء (ولا سيما البيانات المالية)
  • اللوائح الحكومية
  • الإدارية سوق العمل
  • الضغط الاعلامي
  • الاستحواذ


Share by: